منتدى قرية إبراهيم عبدالله

أهلاً وسهلا بكم زوار منتدي قرية ابراهيم عبدالله الكرام.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى قرية إبراهيم عبدالله

أهلاً وسهلا بكم زوار منتدي قرية ابراهيم عبدالله الكرام.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

منتدى قرية إبراهيم عبدالله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية إبراهيم عبدالله

خاص بهموم وشئون المنطقه


    القرآن الكريم أثره على النحو العربي

    avatar
    ابووعد
    عضو مميز
    عضو مميز


    نقاط : 213
    تاريخ التسجيل : 12/04/2012

    القرآن الكريم أثره على النحو العربي  Empty القرآن الكريم أثره على النحو العربي

    مُساهمة من طرف ابووعد الأحد أغسطس 12, 2012 10:03 am

    إن الاهتمام باللغة ودراستها أمر ملموس في تاريخ الحياة الإنسانية، خاصة عند الشعوب التي ارتبطت لغتها بكتاب مقدس، كما هو الحال بالنسبة إلى اللغة العربية التي ارتبطت بالقرآن الكريم ارتباطاً لا يخلو من المباشرية، فنجد اعتناء العرب بهذه اللغة مراعين هذا المبدأ أو هذه الفكرة عن قرب أو عن بعد.
    والشيء نفسه نجده عند الهنود في لغتهم السنسكريتية التي اعتبروها مقدسة، وأن الإله خلقها لاستعمال الناس، بل أكثر من ذلك حدا بهم الاعتقاد كذلك إلى أنها هي اللغة المستعملة بين الآلهة. ولقد نشأ النحو عند العرب في رحاب القرآن الكريم لأن المسلمين وقفوا أمام النص القرآني محاولين فهمه والتوصل إلى معانيه، ولقد بدأ التفكير في إنشاء علم النحو والتقعيد النظري بعد أن دخلت الإسلام شعوب كثيرة غير عربية، أي أن علم النحو جاء لحماية القرآن من اللحن، ولولا هذا الدافع -كما يقول سليمان ياقوت- لما أنتج العرب هذه الثروة الضخمة في مجال النحو.
    وفي هذا الصدد، ارتأيت أن أتناول موضوع القرآن وأثره على النحو العربي، نظراً لأهميته في مجال دراسة العلاقة بين كتاب الله عز وجل واللغة العربية من خلال ثنائية التأثير والتأثر.
    وسأقف على هذه المحاور التي أراها أساسية رغم شساعة الموضوع ولا محدودية جوانبه بصفة مركزة:
    معاني القرآن وإشكالاته (إعراب القرآن).
    معاني أسماء القرآن (التمييز بين الأسماء والصفات).
    لغات القبائل الواردة في القرآن.(تم اختيار هذا المحور لما له من أهمية في معرفة الألسن العربية وعلاقتها بالقراءات)
    القراءات القرآنية (لن أتطرق في هذا المحور إلى أنواع القراءات والاختلافات بينها، بالقدر الذي سأكتفي فيه بالإحالة إلى مقاصد تعدد القراءات والمرامي من تنوعها).
    1 - معاني القرآن وإشكالاته
    لقد اهتم اللغويون بألفاظ القرآن الكريم اهتماماً كبيراً منذ بداية حياة الدرس اللغوي والتقعيد النحوي للغة العربية، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشجع على ذلك كما جاء في الحديث النبوي حيث قال: «من قرأ القرآن فأعربه كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن قرأه بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات», وللإشارة فلفظة (الإعراب) في الحديث الشريف يقصد بها -والله أعلم- معرفة معاني ألفاظه، وليس كما يصطلح عليه النحاة الإعراب (بمعنى المواقع الإعرابية)، لأن القراءة مع فقده ليست قراءة تامة لأن أجرها من الحسنات قليل؛ بغياب التأمل في المعاني والدلالات.
    ونجد أن الاهتمام بمعاني ألفاظ القرآن الكريم لم يكن حديث العهد، إذ كان منذ عهد الرسول عليه أزكى التحيات والسلام, فما زال الوحي ينزل والعرب تسأل الرسول عن معانيه في مثل قوله تعالى: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (الأنعام:82), مجيباً الأعرابي: وأينا لم يظلم نفسه؟ وقد فسره الرسول عليه السلام بالشرك واستدل عليه بقوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان:13).
    وفي هذا يقول الزركشي في كتابه (البرهان في علوم القرآن-ج 1 ص 14): إن القرآن إنما أنزل بلسان عربي مبين في زمن أفصح العرب، وأسطر هنا على أفصح العرب، فكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر من سؤالهم النبي عليه السلام في الأكثر.
    وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الله عز وجل آتى نبيه الكتاب وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيماً؛ فلم يكن العرب المسلمون في حاجة إلى وضع مؤلفات في علوم القرآن في عهده، ومن بين هذه العلوم محورنا هذا، وهو معرفة معاني ألفاظ القرآن. كما أن هذا العلم أو هذا المبحث لم يكن قبلة لكل من هب ودب، أو سولت له نفسه أن يخوض مع الخائضين، بل كان إيلاج هذا العلم بسلاح العلوم المختلفة. وفي ذلك نجد بعض الصحابة رضوان الله عليهم وهم أهل اللغة العربية الفصحى ومن نزل فيهم القرآن وبلسانهم، توقفوا في ألفاظ لم يعرفوا معانيها، فلم يقولوا فيها شيئاً. وأورد هنا ما روي عن أبي بكر أنه سئل عن قوله (وفاكهة وأبّاً) (عبس:31). فقال: أيّ سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟. وقال ابن عباس: «كنت لا أدري ما (فاطر السموات والأرض), في قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والأرض)(فاطر:1)؛ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا بدأتها».
    نلاحظ من الرواية الأولى أن أبا بكر لم يخض في شرح (الأب)، حيث يقول السيوطي: «يمكن أن نقول إن عدم تفسير أبي بكر -رضي الله عنه- لمعنى (الأب) يعلَّل في ضوء التحرج من الخوض في ذلك».
    وقد أشار الزركشي إلى علم الصحابة بصفة عامة، ومكانة ابن العباس -رضي الله عنه- في تفسير القرآن الكريم؛ حيث عرف بأنه بحر دون غيره من الصحابة لتخصصه في هذا العلم. فنجد علياً -رضي الله عنه- مخصوصاً بالقضاء، ومعاذ -رضي الله عنه- بالحلال والحرام، إذ وصف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ابنَ العباس بقوله: (كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق). ومما يدل على إحكامه لعلم التفسير المحاورة التي دارت بينه وبين نافع بن الأزرق المعروفة بـ: (مسائل نافع بن الأزرق)، فهي تدل على الاهتمام بألفاظ القرآن الكريم وشرحها من خلال أبيات الشعر العربي، حتى إنها تعد من بدايات التأليف المعجمي وكذا إدراك فكرة المعجم.
    ولن أسرد المحاورة، بل سأركز على معطى أساس هو هدفي من إيرادها في هذه النقطة ألا وهي قول ابن العباس: (سلاني عما بدا لكما!) رداً على قول نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: (قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما ليس به). فأخبرهما عن معنى (عزين) في قوله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال عزين) في سورة المعارج. فقال لهما: العزون: حِلق الرفاق أي تجمعاتهم ثم أتى بالبيت الآتي:
    فجاؤوا يهرعون إليه حتى
    كونوا حول منبره عزِّينا
    كما أنه شرح في الوقت نفسه معنى الوسيلة, والشِّرعة والمنهاج وغيرها من الألفاظ. وقد كانت هذه المحاورة طويلة جداً، أوردها السيوطي في كتابه (الإتقان ج1). وإذا كانت هذه المحاور تكشف لنا عن مدى إلمام ابن العباس بعلم التفسير من جهة، فإنها من جهة أخرى تبرز لنا ضمنياً خدمة الشعر العربي الجاهلي للقرآن الكريم في تسهيل مأمورية التفسير وتأويله (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا)(آل عمران:7). حيث استدل ابن عباس على استعمال العرب وتداولها للألفاظ المستعملة في القرآن بعد ذلك، وهو ما يرجع إليه نافع بن الأزرق في المحاورة بقوله: (وهل تعرف العرب ذلك؟)
    ومن المواضيع القريبة في مسألة علم التفسير (أسماء القرآن الكريم)، وقد اعتبره الدكتور محمود سليمان ياقوت من المواضيع المتصلة بالحديث عن معاني ألفاظ الكتاب العزيز، وتدخل في تأسيس الدراسة المعجمية.
    لنقف في هذا الموضوع على كتاب (معاني أسماء القرآن الكريم) للقاضي أبي المعالي بن عبدالملك إذ يقول: «إن الله تعالى سمى القرآن بخمسة وخمسين اسماً»، وعارضه في ذلك الدكتور صبحي الصالح في كتابه (مباحث في علوم القرآن), وقد رأى بأن أبا المعالي خلط بين التسمية والوصف. ويقول الطبري: «إن الله تعالى ذِكره سمى تنزيله الذي أنزله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم أسماء أربعة)، وتلك الأسماء هي: القرآن - الفرقان - الكتاب - الذكر.
    معنى القرآن
    اختلف المفسرون في تأويل لفظة القرآن، ويرجح سليمان ياقوت أن يؤول على تأويل ابن العباس من التلاوة والقراءة. وأن يكون مصدراً من قول القائل: قرأت، قراءة، وقرآنا، كقولك الخسران والغفران. وفي ذلك قوله تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)(يوسف:3), وقوله أيضاً: (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون) (النمل:76).
    معنى الفرقان
    نلاحظ أن العلماء فسروا الفرقان بألفاظ مختلفة، لكنها مؤتلفة من حيث المعنى، فيعنى به النجاة والمخرج، و(يوم الفرقان) في السورة التي تحمل نفس الاسم معناه: يوم فرق الله فيه الحق والباطل. قال الطبري: «وكل التأويلات في معنى (الفرقان) -على اختلاف ألفاظها- متقاربات المعاني. وذلك أن من جعل له مخرج من أمر كان فيه، فقد جعل له ذلك المخرج منه نجاة. وكذلك إذا نجي منه، فقد نصر على من بغاه فيه سوءاً، وفرق بينه وبين باغيه السوء.. وأصل (الفرقان) عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنفاذ، وإظهار حجة ونصر, وغير ذلك من المعاني المفرقة بين المحق والمبطل. فقد تبين بذلك أن القرآن سمي (فرقاناً) لفصله -بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه- بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصرة المحق، وتخذيله المبطل، حكماً وقضاء» (تفسير الطبري ج 1 /98،99).
    نلاحظ أن الطبري جمع المعاني المختلفة والمؤتلفة في هذه المقولة، إلا أنه كما أشار رغم اختلافها فهي تعني في الوقت نفسه معنى واحداً، هو التفريق بين المحق والمبطل لقوله تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) (الفرقان:1).
    معنى الكتاب
    الكتاب مصدر من فعل كتب يكتب كتاباً وكتابة، فهو كاتب وهي كاتبة، والكتاب بمعنى خط الكتاب حروف المعجم مجموعة أو مفترقة. وسمي(كتاباً)، وإنما هو مكتوب، يقول الشاعر:
    تؤمِّل رَجعة مني، وفيها
    كتاب مثلَ ما لصِق الغِراء
    وتقدير القول هنا، وفيها مكتوب مثل.. ومنه قوله تعالى (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً) (الكهف:1).
    معنى الذكر
    يحتمل معنيين:
    أ - المعنى الأول: أنه ذِكر من الله جل ذِكره، ذكّر به عباده، فعرّفهم في حدوده وفرائضه وسائر ما أودعه من حكمه.
    ب - المعنى الثاني: أنه ذِكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدّق بما فيه، كقوله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك)(الزخرف:44)، يعني به شرف لك ولقومك.
    خلاصة القول: بعد عرض هذه المصطلحات المتنوعة، فإن القرآن -بأي اسم سميناه- هو كلام الله المعجِز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتواتر، المتعبد بتلاوته. وتعريف القرآن على هذا النحو متفق عليه بين الأصوليين والفقهاء وعلماء العربية.
    ومن المصنفات الجليلة القدر في هذا المبحث (ألفاظ القرآن الكريم)، كتاب(المفردات في غريب القرآن) لمؤلفه أبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المتوفى سنة(502هـ).
    2 - لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم
    أخذت عنوان هذا المحور من عنوان كتاب لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت224هـ), وقد اعتمد هذا الكتاب في منهجه، الإتيان باللفظة القرآنية ونسبتها إلى القبيلة العربية التي تختص باستعمالها، فبدأ بسورة البقرة وهكذا. وارتأيت أن أورد بعض الأمثلة على ذلك بغية الوقوف على مسلمة واحدة أن اللغة العربية قبل أن تجمع على اللغة الفصحى التي نستعملها اليوم كانت عبارة عن لهجات لمختلف القبائل التي تقطن بشبه الجزيرة، ثم بعد مجيء القرآن وحدها في لغة قريش، وقد أشار سيبويه في كتابه (الكتاب) إلى هذه الأشياء. ولنأخذ بعض هذه الأمثلة من سورة البقرة:
    1 - (قالوا أنومن كما آمن السفهاء)(البقرة:13).
    السفيه بمعنى الجاهل بلغة كنانة.
    2 - (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما)(البقرة:35).
    رغَدا: الخصب بلغة طيء.
    3 - (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون)(البقرة:55).
    الصاعقة: الموت بلغة عمان.
    4 - (فأنزلنا على الذين ظلموا رجساً من السماء)(البقرة:59).
    رجساً: العذاب بلغة طيء.
    5 - (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها)(البقرة:71).
    لا شية: لا وضح بلغة أزد شنوءة.
    6 - (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين)(البقرة:90).
    اشتروا: باعوا بلغة هذيل.
    بغياً: حسداً بلغة تميم.
    باؤوا: استوجبوا بلغة جرهم.
    هذه أمثلة قليلة فقط, استدللت بها على ما أشار إليه أبو عبيد في أن القرآن جاء على ألسن القبائل التي نصبت خيامها على بسيطة شبه الجزيرة العربية. بعد أن تطرقت إلى اللفظة ومعناها، أكون قد وضعت بعض اللمسات على علم المعاني، لأنتقل بعده إلى الإشراف على علم القراءات من خلال محور القراءات القرآنية لأسير إلى بعض مراميها.
    3 - القراءات القرآنية
    يقول الله عز وجل: (وما جعلنا عليكم في الدين من حرج)(الحج:78)، لقد جاء الإسلام دين التسامح والرحمة، دين اليسر لا العسر، كي يخفف على الناس من مشاقهم فشرّع الرخص في نوازل كثيرة مثل الصلاة والصوم والحج وغيرها من الفرائض والعبادات. فكما أنه يسر على المسلم في أحكامه، فإن هذا التسامح والتيسير لم يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى ما هو أكثر من ذلك؛ حيث نجد أنه احترم ألسن العرب، وأجاز تلاوة الوحي/القرآن الكريم بقراءات مختلفة, ولا يعني الاختلاف هنا التفريق وإنما يعنى به التنوع. ولقد اهتم قدماء العلماء المسلمين بالتأليف في (علم القراءات) اهتماماً كبيراً وخلفوا من ورائهم أعمالاً تفيد الدارسين المحدثين فائدة لا يقل شأنها في مجال الدرس اللغوي للعربية، ومعرفة لهجاتها, كما نلاحظ ذلك في علم النحو من اختلاف بين أهل الحجاز والكوفة وتميم وأزد وغيرها. ولا يسعني هنا أن أعرف الرواية التي رواها أبي بن كعب رضي الله عنه قال: «دخلت المسجد أصلي، فدخل رجل فافتتح (النحل) فقرأ فخالفني في القراءة؛ فلما انفتل قلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء رجل فقام يصلي، فقرأ وافتتح (النحل) فخالفني وخالف صاحبي، فلما انفتل قلت: من أقرأك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال (أبي) فدخل قلبي الشك والتكذيب أشد مما كان في الجاهلية؛ فأخذت بأيديهما؛ فانطلقت بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: استقرئ هذين؛ فاستنقرأ أحدها وقال أحسنت، فدخل قلبي من الشك والتكذيب أشد مما كان في الجاهلية. ثم استقرأ الآخر وقال: أحسنت, فدخل قلبي من الشك والتكذيب أشد مما كان في الجاهلية, فضرب رسول صلة الله عليه وسلم صدره بيدي فقال: أعيذك بالله يا أبي من الشك، ثم قال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إن ربك عز وجل يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: اللهم خفف عن أمتي، ثم عاد فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين، فقلت اللهم خفف عن أمتي، ثم عاد وقال: إن ربك عز وجل يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف أورده ابن الجزري: النشر (ج 1ص20).
    فإن دلت هذه الرواية على شيء فإنما تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلو كلمات ربه بلهجات متعددة, وهذا -كما أشرت- نوع من أنواع التيسير على أهل القبائل في تلاوته, وذهب إلى ذلك سليمان ياقوت في كتابه. وإذا كانت الكتب التي نزلت قبل القرآن تنزل على حرف واحد؛ أي بقراءة واحدة, والقرآن نزل على أحرف مختلفة؛ فهذا راجع -كما يقول ابن قتيبة والجزري- إلى أنه عليه السلام بعث إلى الخلق جميعاً، وألسن العرب الذين نزل بلغتهم مختلفة وشتى، ويعسر على أحدهم الانتقال من لسان إلى غيره أو حرف إلى آخر. واتقاء للتكليف بما لا يستطاع ثم تسهيل تلاوته والتجاوز عنها. لنعد إلى رواية (أبي بن كعب) ولنقف على لفظة (أحرف)، والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى: (يعبد الله على حرف) في سورة الحج: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) (الحج:11).
    فالمراد بالحرف هنا الوجه. فهذا عبد الله على وجه واحد، ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوجه المختلفة من القراءات والمتغايرة من اللغات؛ أحرفاً على معنى أن كل شيء منها وجه.
    ويمكن أن تؤولها، على اعتبار، أن يكون المسمى أحرف على طريق السعة كمادة العرب في تسميتهم الشيء باسم جزئه، وهو ما يسمى بالمجاز المرسل، وهو إطلاق الجزء وإرادة الكل ومن ذلك قول حسان بن ثابت:
    سنحكم بالقوافي من هجانا
    ونضرب حين تختلط الدماء
    فلفظة (القوافي) هنا جزء من الشعر إلا أن المقصود بها ليس القوافي التي مفردها قافية والتي يتحدد معناها في (مابين الساكنين الأخيرين من عجز البيت مع حركة الحرف قبل الساكن الثاني)، بينما يراد بها الشعر بشكل عام. والشيء نفسه هنا أن الحرف أو الصوت جزء من القراءة وبذلك أطلق الحرف وأريد به ما يؤدي به.
    خاتمة
    لا يخلو هذا العلم من أهميته، بالنسبة للمفسرين وعلماء الفقه والأصول، بل أكثر من ذلك نجده يخدم أغراض علماء اللغة، إذ يقول الدكتور عبده الراجحي: «فالقراءات القرآنية(...) هي المرآة الصادقة التي تعكس الواقع اللغوي الذي كان سائداً في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام؛ ونحن نعتبر القراءات أصل المصادر جميعاً في معرفة اللهجات العربية», (اللهجات العربية في القراءات القرآنية: ص 1 إلى 84). ويقول الدكتور عبد الصبور شاهين: «ومن العلوم التي ينبغي الاعتماد عليها في دراسة العربية الفصحى علم القراءات القرآنية، مشهورها وشاذها؛ لأن رواياتها هي أوثق الشواهد على ما كانت عليه ظواهرها الصوتية والصرفية والنحوية واللغوية بعامة، في مختلف الألسن واللهجات».
    المصدر: المجلة العربية

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 10:42 am